فضاء حر

أحمد علي السلامي

يمنات

يحيى منصور أبو أصبع

كلمة الأستاذ يحيى منصور ابو اصبع رئيس اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني في فعالية تأبين الراحل احمد علي السلامي..

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله

رحل الرفيق القائد أحمد علي السلامي الذي عرفته منذ عام 1972م في مكتبه الكائن في معسكر الفتح جالس على كرسي متواضع و اعتذر لي من غياب أي أثاث في مكتبه لأنها البداية، و هو يقود منظمة المقاومين الثوريين التي تخوض معارك عسكرية في الشمال رداً على عنف السلطة و مطارداتها للمناضلين في كل مكان بعد أحداث 23 و 24 أغسطس 1968.

و أحمد علي السلامي مثل الكثير من رفاقه خرج للتو من السجن جزاء دفاعهم عن الثورة و انتصارهم في السبعين يوم و فك الحصار و تثبيت النظام الجمهوري إلى الأبد، و ظلت علاقاتنا الكفاحية دون انقطاع.

و في حرب 1979 نصحني بعدم التسرع و كشف كل أوراقنا حين أسريت له بأن هناك ضغوط عليا للذهاب إلى قعطبة و إلزام رفاقنا العسكريين القابضين على القوات المسلحة الشمالية لفتح قعطبة للمقاومة التابعة للجبهة الوطنية الديمقراطية و للقوات الجنوبية، و قال لي عاد المراحل طوال احتفظ بأوراقك.

بعد عودته من القاهرة عقب حرب 1994 الكارثية و نحن جميعاً في مجلس النواب و بعد دورة اللجنة المركزية الموسعة في سبتمبر 1994 التي جعلت الحزب الاشتراكي يستقيم على قدميه، قدمت الحكومة موازنة لإقرارها في مجلس النواب و كان لدينا تيار قوي داخل الكتلة البرلمانية للتصويت ضد الموازنة، فكانت نصيحة القائد أحمد علي السلامي لا تجعلوا السلطة تعتقد أن الحزب سكينة في خاصرتها فتقطع نفسه، التسلح بالمرونة حتى يستقيم الحزب على أقدام قوية و نحن بأمس الحاجة إلى الوقت لنوظف كل طاقاتنا في استعادة قوة الحزب و فعاليته و لا نهدره في معارك أخرى تقطع علينا هذا التوجه.

في بداية ثورة فبراير 2011 كان المشترك متردد في الانخراط بالثورة في لقاء المكتب السياسي و لمناقشة الأمر كان هناك توجه للتريث و كنت أحاول إقناع المشترك للحاق بالثورة فماذا قال القائد أحمد علي السلامي، ان شباب الحزب جميعاً قد انخرطوا في الثورة في جميع المحافظات و لم يبق إلا نحن العجائز في قيادة اللقاء المشترك و قيادة الأحزاب المعارضة فإما اللحاق و إما سيتجاوزنا الزمن، القائد الراحل أحمد علي السلامي كان أكثرنا إلحاحاً على تفعيل نشاط الحزب بعقد هيئاته و على وجه الخصوص اللجنة المركزية، و له محاولات مستميتة لعقد اجتماع لأعضاء اللجنة المركزية في صنعاء على الأقل مع قيادة المحافظات حيثما أمكنها الحضور، و للأسف رحل قبل أن يتحقق طلبه الملح و الذي لم يتوقف عنه حتى وفاته.

كان الحزب الاشتراكي هو كل معنى وجوده و حياته، نعم يا أبا خالد ماذا ستقول لصديقك الحميم و رفيق دربك الأبدي جار الله عمر الذي أحببته أكثر من نفسك و الذي ذرفت الدموع بعد استشهاده، و سألته هل تبكي يا أبا خالد، لم يستطع الرد عليا و لسان حاله يقول يا ليتني مت قبل هذا و كنت نسياً منسياً، نفس ما قاله يحيى المتوكل و نحن في موكب تشييع جار الله عمر، قال لم يعد للحياة أي معنى و لن نرى إلا الفجائع من بعده، و هذا ما حدث.

قل لأبي قيس إن وطننا اختلط فيه عشاق الدم بعشاق المال بعشاق الخراب، ان الوطن الذي كنت تحلم أن تسوده قيم الجمال و الفن و الوطنية و الحداثة و الحرية وطن الحب و الحلم و الأصالة قد أخذته أعاصير الحروب في رحلة سريعة نحو المجهول.

قل له يا أبا قيس لم يعد هناك من يبني جسور التواصل عبر الوطن اليمني كله بل هناك من يبني جزراً منفصلة لأعراق و طوائف و مناطق و أن بناء الجدران الطائفية و المناطقية و العرقية دليل الفشل الذريع لمد جسور الوطن.

أبا خالد بماذا ستجيب أبا قيس حين يسألك عن وصاياه الأخيرة السبع في مؤتمر الإصلاح لقد قطعوا نفسه بالرصاصات المرسلة من الأماكن التي كنت تستهدفها بوصاياك و أخر وصاياك الديمقراطية للأحزاب و للوطن لتجيبه أن التشظي و التفتيت و ويلات العنف و الحروب الخارجية و الأهلية التي أنهت الديمقراطية و الوطن، نعم يا أبا قيس نحن في قلب هذه الفواجع منذ ست سنوات، ألم تنادي في وصاياك إلى السلام بهدف خلق جبهة داخلية متماسكة تصون سيادة الوطن و تسخر كافة الجهود و الموارد لتحقيق التنمية بدلاً من شراء الأسلحة.

نعم لم يعد هناك إلا الأسلحة و الألغام و القنابل و الصواريخ على الوطن الممزق من الأرض و من السماء و شاعت ثقافة العنف و الثارات و حتى المشترك الذي قلت أنه قد أصبح حقيقة في الحياة السياسية فلم يعد له وجود إلا في القاهرة و الرياض و أبو ظبي و لأغراض أخرى، رغم جهدك في بناء هذه التجربة الفريدة على الصعيد العربي.

نعم أيها القائد الراحل أحمد علي السلامي إننا عبر مسيرتنا الطويلة في اليمن ما زلنا كلما تقدمنا خطوة إلى الأمام نعود القهقراء عشرات الخطوات إلى الخلف و تراكمت لدينا تجارب من الفشل في كل شيء و صار التمزق الجغرافي و السكاني المخيف عنوان هذه المرحلة بفعل إرادات خارجية تسربت إلينا عبر الشقوق و التصدعات في جدار وحدتنا الوطنية و بفعل فشل النخب اليمنية بكل مشاربها الفكرية و اصطفافاتها السياسية في إنتاج دولة ضامنة لكل مواطنيها دون تمييز بينهم، رغم الخروج من مؤتمر الحوار الوطني بحلول و معالجات لمشكلة بناء الدولة غير أن ذهنية الإقصاء و الاستحواذ ظلت حاكمة و أخفقت الفترة الانتقالية و ما الحرب الراهنة في أبعادها الداخلية و الخارجية سوى التعبير العنيف لهذا الفشل الذي أصبح طوفاناً فتاكاً بوحدة اليمن أرضاً و سكاناً و مقدرات لصالح قوى خارجية متخلفة تمارس علينا فتوحات القرون المظلمة لن يساعدنا أحد إذا لم نساعد أنفسنا بالذهاب إلى حل سياسي يفضي إلى سلام مستدام و إحداث قطيعة مع الحروب و الحروب المؤجلة، و ما يتولد عنها من حروب مناطقية، و السلام المستدام يستحيل دون تقديم تنازلات متبادلة تقود إلى معالجة الأسباب الجوهرية المنتجة للأزمات و الحروب الداخلية و التدخلات الخارجية، معالجة لا تقتصر على طرف يمني اياً كانت قوته و مساحة انتشاره، معالجة عبر خريطة طريق تفضي إلى دولة ضامنة و ليس فقط لمجرد وقف الحرب إلى حين، خريطة طريق تكون من أولوياتها تسوية العلاقة بين الدولة و الوحدة بإعادة بناء دولة الوحدة الاتحادية على قاعدة التوافق الوطني بين كل اليمنيين و الشراكة المتكافئة بين الشمال و الجنوب بما ينجز مصالحة وطنية حقيقية بين كل الأطراف و يحقق تطلعات أبناء الشعب اليمني إلى أمن شامل و سلام مستدام و دائم للوطن.

إنني أدعو كل القوى السياسية و المدنية كل أبناء الوطن للنضال من أجل وقف الحرب بصورة شاملة و كاملة و فك الحصار عن الموانئ و المطارات لتوصيل المواد و المشتقات و العلاجات، هذا الحصار الظالم و هو جزء من العدوان جعل اليمن يعيش أزمة إنسانية هي الأسوأ في العالم، و سرعة تبادل الأسرى و إطلاق سجناء الرأي و الصحافة كانوا في صنعاء أو في عدن و التأكيد على يمنية سقطرى.

و أخيراً أيها القائد الراحل أحمد علي السلامي إليك ما نقل عن السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان عبر مواقع التواصل الاجتماعي و من مصادر عديدة، قال السلطان: لم أر في حياتي أفجر من حليف يمنحك المال و يسلبك إرادة الدفاع عن نفسك و يجبرك على أن تهزم قضيتك التي تحالف معك من أجلها و أن تتخلى عن مكاسبك و تبيع أرضك و تخون شعبك و أن تتنازل عن سيادتك و ثرواتك لِيؤُثْر بها نفسه و تمنحه جزءاً من أرضك دون حق ثم يقول أنه لا يريد إلا مساعدتك.

و أخيراً أرجو أن تتسع صدوركم لكلمة أخيرة و قصيرة للسفير مصطفى النعمان موجهة للقيادات السياسية في الخارج.

تعيش خارج اليمن الأغلبية العظمى من المنادين بشعارات استعادة الدولة و إنهاء الانقلاب و هزيمة المشروع الإيراني و هم لا يخجلون من دعوة الذين يعانون ويلات الحرب في الداخل ببذل المزيد من التضحيات و الدماء و تحمل الفقر و المرض و القصف و استعجال النصر و تقديم حياتهم فداءً للوطن و بعدها فهم مستعدون للعودة من الخارج ليحكموا البقية من الأحياء.

لا أحد من الذين يعيشون مع أسرهم و يستلمون مرتباتهم في الخارج راغب في العودة إلى الداخل ليعيش مع الناس و يعاني معهم، لذا فهم يرفضون و ينددون بأعلى الأصوات بكل من يدعوا إلى وقف سفك الدم قبل الانتصار و رفع العلم في مران و في سبيل استمرار عيشهم الآمن المريح مدفوع الراتب شهرياً و بالعملة الصعبة، يعرقلون كل مساعي التواصل إلى سلام ما لم يضمن لهم العودة إلى الحكم، هذه المجاميع من قادة الاحزاب و التنظيمات السياسية  تناست أنها لم تتمكن خلال خمس سنوات و أكثر من أن تحقق إنجازاً واحداً من 80% من الأراضي التي تسميها محررة و كلها بلا خدمات و لا أمن و لا تواجد لهم على الإطلاق.

إنهم مرتاحون في غرف فندقية فارهة و أسرهم تعيش معهم بأمان و أولادهم و ذويهم موزعون في السفارات و المدارس و الجامعات.

من أراد استمرار الحرب فليتفضل و يحمل السلاح، أما النداءات بالواتساب و من فنادق خمسة نجوم أو شقق مملوكة ليست سوى زيف و ادعاء و دعوة للناس لينتحروا.

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته..

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى